"المهاجر" رواية شائقة، لا يملُّ قارئها، ويعجب دارسها بمقدرة كاتبها على توثيق أحداثها بشكل روائي جميل، ولغة متميزة. إنها تحكي قصة عائلة كريمة من جزيرة كريت، اقتلعها الغرب من أرضها، بعد تغذيته حروباً أهلية مدمِّرة فيها، وفرض على السلطان العثماني "عبد الحميد" تهجير المسلمين من سكانها، فاختار لهم السلطان اسم "المهاجرين" لا "المهجَّرين"، ونقلهم معززين مكرمين إلى مناطق خاضعة لسلطانه، فكان نصيب "آل بكراكي" مدينة طرابلس الشام. وكاتب الرواية حفيد أحد الأبطال المهاجرين، الذين أقاموا في طرابلس، وترك قلبه في كريت، يسمع من والده عن جده مأساة كريت، ويشوِّقه للتعرف عليها. ولما شبَّ الحفيد شدّه حنين خفي إلى زيارة بلد أجداده، على الرغم من اندماجه في وطنه الجديد، وافتخاره بالانتساب اليه، وحبه أهله، الذين أصبح واحداً منهم. فأحسن وصف كريت في روايته بجبالها الشامخة، ووديانها السحيقة، وتناول تاريخها وتقاليد أهلها وبطولاتهم، وأرَّخ بقلمه السيّال، ولغته الجميلة، وعاطفته الجياشة، مأساة المهاجرين. إنها رواية تاريخية، رائعة، ممتعة، ومفيدة.