الأكثر رواجاً

التاريخ الاسلامي الوجيز

يؤرخ لدول المسلمين من بداية ظهور الإسلام وحتى الانقلاب…

القواعد الفقهية في كنز الراغبين للمحلي

الإلمام بالقواعد الفقهيَّة ضروري لكل طالب علم ولكل…

إعراب القرآن الكريم كبير

أعربت كلمات وجمل كل صفحة من المصحف في الصفحة ذاتها،…

ابحث عن

مؤسس الدار : أحمد راتب عرموش
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
 

مساحة إعلانية

 
تمت اضافة خاطرة جديدة ضمن اخترنا لك بعنوان: حول معارض الكتب........................ تم رفع كتاب النشاط السري اليهودي للأستاذ غازي فريج ضمن الكتب المجانية
 
 

أثر الرشوة في انهيار الدول

الرشوة لغة: ما يعطى لإبطال حق، أو إحقاق باطل، وما يعطى للتملُّق. وما يعطى يشمل المال، والأعيان، والخدمات على اختلافها، ومن ضمنها الخدمات الجنسية. وهذا يكون من المواطن إلى الحاكم، أو القاضي، أو الموظف..

وأما ما يعطى للتملق فيكون من المواطن إلى المذكورين، ويكون من الحاكم إلى الأتباع لكسب تأييدهم، ومن ضمنه المناصب والأعمال والأوسمة والأحكام وغيرها... فالحاكم غير الصالح يرشو ويرتشي.

وقبل الدخول في ما تخلِّفه الرشوة من كوارث على الدولة نشير إلى الحكم الشرعي فيها باختصار. فهي من كبائر الإثم والمخالفات الشرعية، فقد قال الله عزَّ وجلَّ في محكم كتابه ﴿ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون﴾ [البقرة/188]. كما جاء في الحديث الشريف (الراشي والمرتشي في النار) [الطبراني]، و(لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) [الترمذي].

وأما ما تخلِّفه الرشوة في المجتمع من ويلات فلا تعدُّ ولا تحصى، ومنها الحسد والغيرة بين موظفين تمكِّنهم مراكزهم من الارتشاء والغنى وبين آخرين لا يستطيعون ذلك. وتجعل المواطنين غير راضين حاقدين. وتؤدي إلى حدود مفتوحة قد يتسرب منها أسلحة ومخدرات وغيرها...، فالمرتشي لا يهمه إلا جمع المال.

وأما الحاكم الذي يرشو أتباعه بالوظائف فقد تجد عنده قائد جيش حشاشاً لا يصلح حاجباً، لأن المطلوب منه الولاء لا تحضير الجيش للقتال، مع أن التوجيه القرآني خير مرشد للحكام عند اختيار أعوانهم. ففي قصة موسى لما كانت المهمة تتطلب الأمانة والقوة اختار شعيب موسى، وفي قصة يوسف لما كانت الوظيفة تتطلب الخبرة والإدارة الزراعية اختار ملك مصر يوسف وزيراً. وفي قصة بني اسرائيل لما كانت المهمة تتطلب الفروسية والقيادة بعث الله لبني اسرائيل طالوت ملكاً.

وهكذا ففي انتشار الرشوة في المجتمع والحكم تضعف الأخلاق، ويتولى المناصب أشخاص غير مؤهلين، ويتهاون الموظفون بالقيام بواجباتهم، وتنحل الأمة وتنهار الدولة.

ولا بد لمكافحة الرشوة من توافر ثلاثة أمور متكاملة وهي:

أن يتوافر لكل عامل أو موظف ما يكفيه لحياة كريمة، والاهتمام بالتربية الأخلاقية والدينية، والتركيز على الرقابة الإلهية أكثر من الرقابة السلطوية، وعقوبات رادعة للمرتشين والراشين. ويبدأ الإصلاح من رأس الهرم. وأي مجتمع متفلت لا تتكامل فيه هذه الجوانب، وتسوده الرشوة، لا يمكن لأي مواطن إلا أن يزلَّ إن لم يكن بالارتشاء فبالرشو، وإلا ضاعت حقوقه وتوقفت أعماله، وهكذا يعمُّ الفساد وينتشر كالمرض الساري.

  أحمد راتب عرموش