الأكثر رواجاً
ابحث عن
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم
يغالي بعض المسلمين في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وتكثر المؤلفات التي تتحدث في الموضوع، وتخصّص كثير من دور النشر مساحات لهذه المؤلفات، ولا أبرىء نفسي. وأحب في هذه الكلمة أن أشير إلى أن القرآن الكريم ليس كتاب علوم، فهو دستور إلهي فيه كليات تنظم حياة الإنسان، وإشارات علمية بمستوى المعجزات تفرض على علماء المسلمين التنبه إليها ودراسة دلالاتها، وقد تفيد في التنبيه إلى مخترعات جديدة، وتدخل هذه الآيات ضمن ما تفسره الأيام من آيات.. ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبياء/30] فما معنى الرتق وما معنى الفتق؟ إن معنى الكلمتين لم يتغير ولا يتغير لغة ولكن مدلولهما العلمي هو الذي يتغير.
وكذلك في قوله جلَّ وعلا: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾ [الحجر/22] إن كلمتي لواقح وخازنين فسرهما كل مفسر لآيات القرآن الكريم بحسب التقدم العلمي في عصره.
ومن ذلك ايضاً ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ [النمل/88] فالمفسرون القدامى قالوا: ذلك في تخلخلها. والمحدثون يرون ذلك في حركة الأرض، والجبال جزء منها.
وغير ذلك كثير...
وقد وجد كفار قريش في الانتقال (الاسراء) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ذهاباً واياباً في ليلة واحدة عملاً خارقاً لا يمكن تصوره، بينما في العصر الحاضر يستطيع أي إنسان أن ينتقل من مكة المكرمة إلى القدس فيصلي في المسجد الأقصى ويعود في أقل من ليلة. ولا يجد أحد في ذلك معجزة. وبغض النظر عن كون الحادثة معجزة للرسول (ص) فإن فيها إشارة علمية فسرتها الأيام.
وبالقياس على هذه الحادثة لو تمعنا في قوله عز وجل ﴿قَالَ الَّذِي ِعنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي﴾
[النمل/40] والمقصود نقل عرش بلقيس من مملكة سبأ إلى ديوان سليمان بلمح البصر.
وأظن أن في هذه الآية إشارة علمية قد يتوصل العلماء إلى تحقيقها. فالعرش هو كرسي مؤلف من ذرات، فإن أمكن تفكيكه إلى ذرات بأجهزة خاصة يصبح نقلها بسرعة الضوء أمراً معقولاً، والمهم التوصل إلى اختراع جهازي التفتيت وإعادة التركيب.
وأمثلة الإشارات العلمية كثيرة لا نهدف إلى استقصائها وإنما غرضنا تأكيد الآتي:
أولاً: إن في هذه الإشارات تحريك لذوي العقول توصل إلى أن القرآن الكريم إلهي وليس من تأليف النبي.
ثانياً: على علماء المسلمين الاستفادة من هذه الإشارات واستقصاء فوائدها ومدلولاتها. مثل ﴿بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ لنعرف لماذا اختار البنان من دون غيره.
ثالثاً: إنه من غير المستحسن المغالاة في استنباط إشارات علمية في كثير من الآيات لا علاقة لها بالعلوم حتى لا تفقد هذه الإشارات الهدف من إيرادها، والله أعلم.