الأكثر رواجاً
ابحث عن

تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية


العروبة والاسلام

إن هذه الصفحة تعنى بشؤون الناشرين، ويطلع عليها بعض المؤلفين والمثقفين، ما يجعل بعضهم يتساءل عن علاقة كلمة كهذه وأمثالها بشؤون الناشرين؟ والجواب: إن من واجبات الناشر والمؤلف نشر الوعي في المجتمع، وكلمات مختصرة ومكثفة كهذه الكلمة تطرح أموراً مهمة بهدف تحفيز المثقفين والمؤلفين على التوسع فيها، والناشرين على الاهتمام بها والتركيز عليها فيما ينشرون.
والموضوع الذي سنتطرق إليه هو العداء المفتعل بين الإسلاميين والقوميين الذي شهدته الساحة العربية بعد التجزئة والاستقلال، مع أن الأجيال المعاصرة ينظر معظمها إلى الدعوتين: الإسلامية والقومية تقليعتين قديمتين لا مسوغ لهما، وانتهى دورهما. وعلى المسلمين والعرب أن يقبلوا بأوطان رسم حدودها العدو المستعمر، وعلى مواطنيها الدفاع عنها والابتعاد عن أي تفكير عروبي وحدوي، أو إسلامي ولو تعاوني. لإبقاء العالم العربي على ما هو عليه من تجزئة وتخلف في معظم الميادين.
فالعالم العربي إن اتحدت دوله فستكون مساحة الولايات العربية المتحدة أكثر من ثلاثة عشر مليون كيلومتر مربع تمتد على منطقة تشكل ملتقى ثلاث قارات هي العالم، وتتحكم في أهم مضائقه وممراته المائية، بتعداد سكاني زهاء خمسمئة مليون عربي، ما يعني جيشاً أكثر من خمسة ملايين عسكري، وتنتج ثلث نفط العالم، ناهيك عن الموارد الزراعية والحيوانية والمعادن المختلفة. أي ستكون قوة عظمى يحسب حسابها.
أما إن اتحد المسلمون وهم زهاء ملياري نسمة على مساحة تمتد من طنجة إلى جاكرتا، فسيحكمون العالم، ولذلك نصَّت معاهدة لوزان 1923م على إلغاء الخلافة، وعدم العودة إليها، وتقسيم أراضيها.
ولاريب أن منشأ الصراع بين الإسلاميين والعروبيين يعود إلى تآمر أجنبي، وتقبُّل داخلي، في مجتمع فقد رشده، وكثر أعداؤه، وتغلبت المصلحة فيه على القيم والمبادئ. إن دعاة القومية العربية في معظمهم غير عنصريين، ولا يعادون الإسلام، وبعضهم يعده رسالة العرب الخالدة، ويرون أن العروبة دائرة أصغر من دائرة الإسلام ولا تناقض بينهما. والعروبيون العنصريون قلَّة لا تقوم نظريتهم على أسس سليمة.
ويفترض بالإسلاميين من عرب وعجم أن يُجلوا الإسلام، لأن الله عز وجل يقول في القرآن الكريم مخاطباً رسوله وقومه: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ﴾ [الانبياء/10]، أي فيه تشريف لكم ورفعة. ويقول في آية أخرى: ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف/44].
وبعد هذا التشريف والتكريم والمسؤولية، لا يحق لأي إسلامي أن يطعن في العرب، ودور العرب في حمل مسؤولية نشر الوعي الاسلامي، وعرضه منهج حياة بعيد عن التعصب، يتقبله المسلم وغير المسلم لما فيه من حرية وعدالة ومساواة بين البشر.
صحيح أن دعاة القومية العربية يتضاءلون، والعمل جار على قدم وساق لتحويل الاسلام إلى طقوس واحتفالات، ولكن هذا لن يدوم طويلاً، إذ مصلحة العرب في الاتحاد وعدم التخلي عن دورهم في العالم الإسلامي، ليسود الأمن والسلام في العالم كله.