الأكثر رواجاً
ابحث عن
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية
اللجوء السياسي
ما سأكتبه لا علاقة له بالسياسة إلا بالعنوان، وعلاقته بالمبادىء والأخلاق والعلاقات الانسانية، فقد يحدث أن يواجه مواطن في بلده ظلماً وتعسفاً لآرائه السياسية أو معتقده، فيلجأ إلى بلد آخر ليعيش فيه مطمئناً على نفسه. ولهذا اللجوء جذور في التاريخ العربي والإسلامي، وكانوا يسمونه "جوار" وربما كان أشهر جوار هو جوار المطعم بن عدي في الجاهلية لرسول الله (ص) عندما رفضت ثقيف جواره ونصرته.
وفي السيرة أن أم هانىء بنت أبي طالب أجارت رجلين من أقرباء زوجها بعد فتح مكة، فأقرها رسول الله (ص) وقال لها: "أجرنا من أجرت، وأمَّنا من أمَّنت"
وقد أقر الإسلام هذه العادة النبيلة إذ جاء في القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة/6] وقد طبق الغرب مبادىء الجوار والاستجارة أفضل من العرب العريقين فيها.
فاللاجىء ضيف يطلب حماية الدولة التي لجأ إليها. ويفترض فيه أن يلتزم بقوانين الدولة التي لجأ إليها، وألا يمارس أعمالاً تسيء إلى علاقات هذه الدولة مع دولته أو غيرها.
وعلى الدولة التي قبلت لجوء أيّ لاجىء إليها ألا تحاول استغلاله وتربط ضيافتها له بأعمال يقوم بها ضدَّ دولته أو غيرها؛ حتى إذا ما تصالحت مع تلك الدولة طردت اللاجىء إليها أو سلمته إلى بلده لتسجنه أو تعدمه. فهذا التصرف من قلَّة الأخلاق وضعف الإيمان، ويخالف القوانين الدولية.
وإن ما يمارس في بعض الدول، وبخاصة العربية، يخالف المبادىء والأخلاق، إذ يُستغل اللاجىء، فإن "انتهت صلاحيته" يطرد من دون أي اعتبار لإنسانيته أو لما سيواجهه، بينما نجد بعض الدول تتمسك بالمبادىء الأخلاقية والقانونية المتعارف عليها مهما كلفها الأمر؛ وغالباً ما تكون من "دول الكفر" كما يسميها المتطرفون.
أحمد راتب عرموش