الأكثر رواجاً
ابحث عن
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية
الناس معادن
كان صديقي الذي يكبرني بسنوات يزعجني باصراره على تصنيف الناس نبلاء وغير نبلاء. ويرى وجود دم نبيل ودم خسيس، فأذكره بالآية الكريمة (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) فيقول: هذا موضوع آخر. والنبل أخلاق رفيعة لا علاقة لها بالتقوى، وغير النبلاء لا يدركون معنى التقوى، وإن فرضت ظروف معينة على نبيل أن يتصرف بخسة، فسرعان ما يعود إلى نبله عندما تتغير ظروفه. أما الخسيس، فإن استطاع خداع الناس بتصرفات اخلاقية، مدة من الزمن، أو في بيئة معينة، فلا يلبث أن يظهر على حقيقته.
وهؤلاء الناس هم الذين فرضوا المثل القائل "اتق شر من أحسنت إليه" فهم لا يعرفون معنى الوفاء، بل يقابلون بالسيئة الحسنة. ويخونون دينهم ووطنهم وأصدقاءهم وأزواجهم، ولا يتورعون عن فعل أي شيء لمصلحتهم بغض النظر عما تسببه تصرفاتهم لأقربائهم وأصدقائهم ومجتمعهم من أذى. وكثيراً ما كان يختم بالحديث الشريف "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إن فقهوا". ولما تقدم بي العمر، وتغربت وعاشرت وتعاملت مع مختلف الناس والأجناس، واطلعت على علم الجينات، أدركت أن الناس معادن، وعندما نجد من نظنه شريراً تغير، أو من نراه نبيلاً ساء فإنما كل واحد يعود إلى أصله، والله أعلم.
أحمد راتب عرموش
05-04-2023