الأكثر رواجاً

التاريخ الاسلامي الوجيز

يؤرخ لدول المسلمين من بداية ظهور الإسلام وحتى الانقلاب…

القواعد الفقهية في كنز الراغبين للمحلي

الإلمام بالقواعد الفقهيَّة ضروري لكل طالب علم ولكل…

إعراب القرآن الكريم كبير

أعربت كلمات وجمل كل صفحة من المصحف في الصفحة ذاتها،…

ابحث عن

مؤسس الدار : أحمد راتب عرموش
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
 

مساحة إعلانية

 
تمت اضافة خاطرة جديدة ضمن اخترنا لك بعنوان: حول معارض الكتب........................ تم رفع كتاب النشاط السري اليهودي للأستاذ غازي فريج ضمن الكتب المجانية
 
 

النفاق

معنى كلمة "نافق": أظهر خلاف ما يبطن، ولذلك أطلق على الذين يبطنون الكفر، ويظهرون الإيمان "المنافقون".

والمنافق في الأصل هو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان، أو يبطن العداوة ويظهر المودة. وأطلقت صفة المنافق أيضاً على كل من يغالي في الثناء على من لا يستحق، ويكذب في تمجيده، وذكر صفات محمودة غير موجودة فيه، ويثني على مواقف غير مقتنع بها، لأهداف مختلفة.

فما الذي يدعو أي إنسان إلى النفاق؟ بعضهم ينافق في سبيل المال، حتى بلغ الأمر بأحدهم، كما ورد في قصص الأقدمين، أن يكذب على رسول الله r: إذ دخل غياث بن إبراهيم على الخليفة العباسي "المهدي"، وكان مولعاً بتربية الحمام، فلما رأى الحمام بين يديه، روى له حديثاً جاء فيه (لاسبق الا في نصل، أوخفٍّ، أو حافر، أو جناح). والمقصود من الحديث إباحة الرهان في السباق في الأشياء المذكورة في الحديث الشريف. ولكن بلا كلمة "أو جناح"، التي أضافها غيات على الحديث الشريف كذباً ونفاقاً. فأمر له الخليفة بعشرة آلاف دينار. ولما انصرف قال الخليفة على مسمع الحضور: إن قفاك قفا كذاب عن رسول الله r. ويقال إنه تخلى عن الحمام وتربيته.

وبعض الناس ينافقون الحكام تقرباً منهم، وطمعاً في منصب ينالونه في حاشيتهم، أو في مركز من مراكز الدولة، أو لتيسير أعمالهم وأعمال أنصارهم.

روى لي صحفي صديق أنه كان على موعد مع رئيس دولة، ولما فتح رئيس الديوان باب غرفة الرئيس ليعلمه بانتظار الصحفي، رأى نائباً يقبل يد الرئيس، فأشاح بوجهه. وعندما التقى النائب به لاحقاً قال له: أنت رأيتني أقبل يد الرئيس؟ فأجابه: إنني لم أنتبه لذلك. فأعاد قوله: بلى أنت رأيتني.. وأريدك أن تعلم أنني بتقبيلي يداً واحدة سيقبل يدي مقابلها العشرات ...

وأظن أن أسوأ المنافقين هم مشايخ السلطان. الذين نراهم في كل زمان، يسوغون للحاكم كل موقف أو قرار ما أنزل الله تعالى به من سلطان، ويجدون له مخرجاً شرعياً وفتوى فقهية.

وهناك فئة من الناس طبعت على النفاق، فهي تمدح أي موقف أو تصرُّف، وتوافق أي رأي ولو خالف رأيها، وتخلط بين المجاملة والنفاق، طمعاً في التقرب من الآخرين.

ولا أعلم ما إذا كان النفاق صفة عربية، أو أنه موجود لدى كل شعوب الأرض.

ولايُفهم مما ذكرنا أننا ندعو إلى الفظاظة والمواجهة العقيمة، فالتوجيه الرباني في القرآن الكريم لرسوله الحكيم: ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾. وأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا. ولكن المقصود عدم الخلط بين المجاملة وحسن الخطاب، وبين النفاق، والالتزام بالقول الشهير "إذا لم تستطع تغيير الباطل فلا تصفق له".

أحمد راتب عرموش