الأكثر رواجاً
ابحث عن

تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية


تحية للشعب السوري

لم يستطع نظام العمالة والخيانة والطغيان تخريب أخلاق الشعب السوري، فمن كان يتصور الرقي الأخلاقي لدى الثوار والمواطنين في الحفاظ على أملاك الآخرين وضبط النفس تجاه من قتل وأهان وسرق واغتصب. صحيح أنه جرت بعض التجاوزات ولكنها لم تكن سياسة ثورة، كما أنها خارجة على سلوك المجتمع عموماً. وتفهمها لا يعني تسويفَها، ولاريب أنه ستشكل محاكم خاصة تحاكم المجرمين على إجرامهم، فالتحية للسوريين الذين أبهروا العالم بأخلاقهم وتصميمهم على نيّل حريتهم مهما كان الثمن والتضحيات. وتحية للثوار ولقيادة الثورة المؤيدة من الله عز وجل إذ جعل تحرير سورية على أيدي رجالها. والملاحظ أنهم يتصرفون بحكمة وذكاء وتواضع، فحبذا لو تركوا يعملون، ويتم التركيز على الايجابيات وبغض الطرف موقتاً عن السلبيات فالتركة ثقيلة، ومن المستحيل تصليح ما خرب خلال ستين سنة في أيام معدودات. وكما يحق للسوريين أن يفرحوا ويحتفلوا، فمن حق سورية عليهم أن يعودوا إلى أعمالهم لينتجوا، وعلى المهجرين والنازحين والمعارضين المنتشرين في بقاع الأرض أن يعودوا إلى بلدهم موحدين ويساهموا في بناء وطنهم المنكوب. فسورية تتسع للجميع وهي بحاجة لجهود الجميع. ومن المستهجن استغلال اعتداءات العدو الصهيوني على سورية لاتهام الثورة بالتقصير، ولنتذكر أنه كان يقصف بالوتيرة ذاتها تقريباً في العهد البائد، الذي كان يحتفظ بحق الرد لأكثر من خمسين عاماً. ولن تشفع له التجارة بالمقاومة، فالكلّ يعرف أنه سبب كارثة 1967 التي سَلم فيها الجولان للعدو. ولما حصل في تلك الحرب قصة أخرى، وحرب 1973 التي سمّاها حرب التحرير، والتي كادت فيها أن تسقط دمشق. وأشهد أنني عندما أخذتني مخابرات ذلك النظام من لبنان مكبلاً لوشاية صغيرة بعد 31 عاماً من الإبعاد والأحكام. وبعد إطلاق سراحي في أواخر عهد مؤسس ذلك النظام عندما كان يحاول تحسين صورة حكمه لتوريث ابنه، قصدت الجولان الذي خدمت فيه ثلاث سنوات لأفرح بالتحرير ولأرى صدق تحرير القنيطرة، فالمشهور عن ذلك النظام أنه يكذب حتى في النشرة الجوية، فرأيت الدجل أم العين، فمعظم القنيطرة بيد العدو ولا يسمح بالعودة إلى القسم الذي تركه، وحتى تنظيف نبع نهر الأعوج ممنوع. وأنشأ النظام مدينة سماها مدينة البعث قبل القنيطرة يكذب بها على الوفود التي يريها القنيطرة المحررة. والقصة تطول. فهل المطلوب من الثورة توريط الشعب السوري في حرب معروفة النتائج، ومن دون تحضير. إن السوريين يدركون الخطر الصهيوني، الذي سينتهي بعون الله تعالى كما انتهى نظام الطغيان في سورية، فهذه سنة الله في خلقه. كل طغيان إلى زوال، فاتركوا السوريين يبنون دولتهم من جديد، ويصلحون ما خرّبه أعداؤهم.
أحمد راتب عرموش
18-12-2024