الأكثر رواجاً
ابحث عن

تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية


تذكُّر وتذكير

تذكُّر وتذكير
لقد رافقت صناعة النشر من يوم كان المعتمد في تنضيد الكتاب حروف الرصاص. ورافقت تطور الطباعة حتى بلغت هذا المستوى الذي نراه اليوم. وكان كل تقدم علمي هو في حقيقته نعمة، يتحول إلى نقمة على الناشرين لسبب يدركه أكثرهم، وهو وجود معتدين على الصناعة تحولوا حديثاً من مزورين إلى مقرصنين. ومع ذلك كانت نسبة الناشرين المثقفين والمحترمين مقبولة، وإن كانت أقل مما توقعت عند اختياري هذا العمل.
ورافقت نشوء المعارض، وتطورها، وكيف كانت، وأين أصبحت. ولا ريب أن الجيل الجديد الذي تولى الأمور يختلف عن الجيل الذي تقاعد أو انتقل إلى رحمة ربه، بأمور كثيرة يعرفها قدماء الناشرين.
وأذكر اهتمام الناس بالكتاب، واهتمام الدول الرائع بالثقافة بمفهومها الصحيح، ومضمونها القويم.
ولسنا بحاجة إلى التذكير بأن لكل شعب ثقافته الخاصة به، وتقاليده الاجتماعية، النابعة من معتقداته، وعاداته، وتقاليده وتاريخه...
واليوم إذا نظرنا إلى مجتمع الناشرين وسلوكهم، وتصرفات بعضهم نرى عجباً، يُثبته ما يتبادلونه على وسائل التواصل مما لا حاجة إلى ذكره، فكثيرون يطلعون عليه، وبعضهم ينصح أو يشارك فيه، وغالبيتهم يفضلون السكوت. ولا أرغب بالتعليق سوى أن ما نراه ونسمعه "عيب" مع أن ثقافة العيب تغرب شمسها.
وأما على الساحة الثقافية فالوضع مؤسف جداً، فالغزو الثقافي أشد خطراً من الغزو العسكري، لأنه يدمر المجتمع ويقضي على روح الأمة وهويتها. وهو مع قدمه يزداد ضراوة يوماً بعد يوم.
وللدول سياساتها، وللمسؤولين حساباتهم ومصالحهم، ما يجعل بعضهم يساير الهجمة الثقافية الشرسة، والتي وصلت إلى حدود غير مقبولة يراها جميع العرب ويلمسون آثارها.
لهذا يجب على المؤلفين والمفكرين والناشرين أن يفتشوا عن تقرير بانرمن ويقرؤوه بتمعن، وأن يعوا مسؤولياتهم في التصدي لهذا الغزو الثقافي الشرس، ويحذروا الناس من الانجرار فيه... ويوجهوا القراء إلى المشاركة في التصدي له ومحاربة الثقافة الدخيلة المنحرفة... ونبذ كل مضر، وتشجيع كل مفيد، والانتباه بشكل خاص إلى ما يقرأ أولادهم ويشاهدون، فيؤثر في بناء ثقافتهم وشخصياتهم، ولا ضرورة لتوضيح الواضح.
وختاماً آمل من كل مقتدر التوسع في كل فكرة ذكرتها موجزة، وأسال العلي القدير ألا يصل بي اليأس من الإصلاح والصلاح، إلى كسر القلم، وتمزيق الأوراق، والاقتناع بالمثل القائل "فالج لا تعالج".