الأكثر رواجاً
ابحث عن
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية
حروب بلا أخلاق
نسمع في الأخبار ونرى في الفضائيات الوحشية في قتل المدنيين الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ وشباب لا علاقة لهم بالحرب. ونرى المستشفيات تهدم على من فيها من مرضى، والمدارس تنهار على من فيها من تلاميذ... ونشهد قطع المياه والكهرباء، وتدمير الأبنية على سكانها بلا شفقة ولا رحمة، من دون مراعاة لقواعد تجنيب المدنيين ويلات الحروب ولا التفات إلى حقوق الإنسان التي يصدِّع الغرب رؤوسنا بها. ولا تخلو نشرات أخباره، وتصريحات زعمائه من الحديث عن إرهاب المسلمين مستشهدين بتصرفات متطرفين هم صنَّعوهم في غالب الأحيان...
أما أخلاقيات الحرب عند المسلمين، فلا يمكن للمقاتل المسلم مخالفتها لأن الله رقيب عليه، فتختصرها وصية أبي بكر لجيش أسامة بن زيد.
وأبو بكر، لا يعطي تعليمات على مزاجه، فهو خير من فهم الإسلام، وأدرك معنى ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [سورة الانسان/ الاية 8] ورافق الرسول (ص)، وحفظ وصاياه، وشاهد تصرفاته في غزواته. فأثناء حصار قبيلة ثقيف في الطائف طرحت فكرة حرق مزارع ثقيف حول المدينة المحصنة بعد أن طال الحصار ولم يتمكن المسلمون من فتحها. ولكن الرسول (ص) لم يقدم على تلك الخطوة، وفشل الحصار، ولم تفتح المدينة. ولا أظن أنه لم يفعل ذلك للاستفادة من تلك المزارع لاحقاً كما يرى بعض المحللين، بل لأن أخلاق الحرب في الإسلام تمنعه من ذلك. تلك الأخلاق التي لخصها أبو بكر في الوصية المشار إليها : لا تخونوا ولا تغلوا [يقابل ذلك في العصر الحاضر سرقات الجنود من بيوت الناس ومؤسساتهم] ولا تمثِّلن [تشويه جثث القتلى]، ولا تقتلن طفلاً صغيراً، أو شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تخربن عامراً، ولا تحرقن نخلاً. ولا تذبحن شاةً ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة. وسوف تجدون أقواماً فرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له... وتلقون أقواماً قد فحصوا [حلقوا] أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب [هم المقاتلون] فاخفقوهم بالسيف خفقاً. اندفعوا باسم الله.
ولأن المسلم يؤمن بأن الله عز وجل يراقب أعماله، ويحاسبه عليها، لا يخالف أخلاق الحرب في الإسلام التي أمر بها الله تعالى ورسوله (ص)، كما يخالف دعاة حقوق المدنيين في الحرب المبادىء التي وضعوها هم أنفسهم.
أحمد راتب رموش
بيروت في 23-03-2022