الأكثر رواجاً
ابحث عن
![](public/uploads/banners/1-1563602088.jpg)
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية
![](public/uploads/banners/2-2089928882.jpg)
![](public/uploads/banners/2-1864537913.jpg)
حلم معن بن زائدة
![](public/uploads/images/11-193449326357a461879c7fb.jpg)
تَذاكر جماعةُ فيما بينهم أخبار مَعْن بن زائدة، وما هو عليه من وَفْرة الحِلمِ ولين الجانب، وأطالوا في ذلك، فقام أعربيٌّ وآلى على نفسه أن يغضبه، فقالوا: إن قدرتَ على إغضابه فلك مائة بعير. فانطلق الأعرابي إلى بيته، وعمد إلى شاة له فسلخها ثم ارتدى بإهابها ، جاعلاً باطنه ظاهره، ثم دخل على مَعْنٍ بصورته تلك، ووقف أمامه طافحَ العينين كالخليع، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء، ثم قال:
أَتذكرُ إذْ لِحافُكَ جلدُ شاةٍ
وإذ نعلاكَ من جلدِ البعيرِ
قال مَعْن: أذكر ذلك ولا أَنساه يا أخا العرب.
فقال الأعرابي:
فسبحانَ الذي أعطاكَ مُلكاً
وعلّمك الجلوسَ على السريرِ
فقال مَعْن : سبحانه وتعالى.
فقال الأعرابي:
فلستُ مُسلّماً ما عِشتُ حَيّا
على مَعْنٍ بتسليمِ الأميرِ
قال مَعْن : إنْ سلَّمتَ رددنا عليك السلام، وإن تركتَ فلا ضَيْرَ[1] عليك.
فقال الأعرابي:
سأَرحلُ عن بلادٍ أنتَ فيها
ولو جارَ الزمانُ على الفقيرِ
فقال مَعْن: إن أقمتَ بنا فعلى الرَّحْب والسَّعَة، وإن رحلتَ عنّا فمصحوباً بالسلامة.
فقال الأعرابي وقد أَعياه[2] حِلْمُ مَعْن :
فَجُدْ لي يَا بن ناقصةٍ بمالٍ
فإنّي قد عزمتُ على المَسيرِ
فقال مَعْن: أعطوه ألف دينارٍ. فأخذها وقال:
قليلٌ ما أَتَيْتَ بهِ وإنّي
لأطمعُ منكَ بالمالِ الكثيرِ
فثنِّ فقد أتاكَ المُلْكُ عَفْواً
بلا عقلٍ ولا رأيٍ منيرِ
فقال معن: أعطوهُ ألفاً ثانياً. فتقدّم الأعرابي إليه وقبّل يديه ورجليه وقال:
سألتُ الجُودَ أن يُبقيكَ ذُخْراً
فما لَكَ في البريّة[3] من نَظيرِ[4]
فمنكَ الجودُ والإفضالُ حقّا
وفَيْضُ[5] يديكَ كالبحر الغزيرِ
فقال مَعْن: أعطيناه على هجوِهِ ألفين، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف. فقال الأعرابي: جُعِلْتُ فداكَ، ما فعلتُ ذلك إلاّ لمائة بعيرٍ جُعِلَتْ على إغضابك. فقال مَعْن: لا خوفَ عليكَ، ثمّ أمر له بمائتي بعيرٍ، نصفها للرهان والنصف الآخر له. فانصرفَ الأعرابيّ داعياً شاكراً.
___________________________
[1] - لا ضير عليك: لا ضرر عليك.
[2] - أعياه: أتعبه.
[3] - البرية: الخلق.
[4] - نظير: مثيل.
[5] - فيض: عطاء