الأكثر رواجاً
ابحث عن
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية
رجل المبادئ ورجل السياسة
المبادئ أخلاقيات منشؤها الدين والعرف والتقاليد، ويلتزم بها رجل المبادئ، فلا يغير مواقفه بحسب مصلحته وبسببها، أو مسايرة لآخرين. وفي الحديث الشريف (لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا أن لا تظلموا) [الترمذي]
وربما كان مصطلح (المبادئ) حديثاً بمفهومه المعاصر، ولكنه كان جلياً في مواقف الأنبياء وكثير من الفلاسفة والمصلحين. وأبرز مثل عليه عندما ساوم مشركو قريش الرسول (ص) عن طريق عمه فقال بحزم (والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك دونه ما تركته) [السيرة].
وأما السياسة فهي رعاية شؤون الناس، وتولي أمر الرعية، والاهتمام بها على أحسن وجـه.
من هنا يفترض برجل السياسة أن يكون صاحب مبادئ. وهذا ما لا نجده في الواقع إلا نادراً، ما جعل الناس يختلفون في تعريف السياسة، من فن الواقع، إلى فن الكذب والتلاعب، فلماذا يحصل هذا؟
إنه نتيجة طبيعية لتغليب المصلحة على حساب المبادئ والأخلاق، والتخلي عن القيم والدين، وأن الله يرى أعمال عباده وإن كانوا لا يرونه.
في جلسة كان يتحدث فيها سياسي محنك، قال كلاماً رائعاً، فسألته لماذا لا ينشر ما يقوله في كتاب؟ فأجابني: أنا رجل سياسة! فلم أفهم مقصده، فشرحه أنه قد يقول غداً عكس ما يقوله اليوم، ومن الخطأ أن يعطي خصومه مستنداً يكذبونه به.
ونتيجة التخلي عن المبادئ، والانحراف بمفهوم السياسة نحو المصلحة، نرى معظم المجتمعات تعاني من الظلم بمختلف أشكاله وألوانه، وبخاصة الظلم الاقتصادي الذي أدى إلى تجميع رؤوس أموال العالم كله بأيدي قلة تتحكم بالسياسيين وبالناس، وتشعل الحروب صغيرها وكبيرها. وكلنا يدرك أهمية السلام، ويعرف ويلات الحروب، وأظن أن العالم لن يتحمل أكثر مما تحمل حتى الآن حتى ينفجر، إن لم يلتزم السياسيون بالمبادئ.