الأكثر رواجاً

التاريخ الاسلامي الوجيز

يؤرخ لدول المسلمين من بداية ظهور الإسلام وحتى الانقلاب…

القواعد الفقهية في كنز الراغبين للمحلي

الإلمام بالقواعد الفقهيَّة ضروري لكل طالب علم ولكل…

إعراب القرآن الكريم كبير

أعربت كلمات وجمل كل صفحة من المصحف في الصفحة ذاتها،…

ابحث عن

مؤسس الدار : أحمد راتب عرموش
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
 

مساحة إعلانية

 
تمت اضافة قصة جديدة ضمن اخترنا لك بعنوان: وامعتصماه بقلم الاستاذ أحمد راتب عرموش
 
 

لا سواء

أعلم أن الوقت للأفعال لا للأقوال، ولكن لما يفرض عليك العمر أضعف الإيمان فربما أيقظ الكلام النائمين، وحرك القادرين من المتخاذلين، من حكام وأحزاب وجماعات وأفراد، الذين رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، وبأن ينطبق عليهم قول الشاعر:

من يهن يسهل الهوان عليه           ما لجرح بميت إيلام

ولا ريب أنهم لم يطلعوا على ما جاء في كتاب اليهود المقدس، إذ يوجه ربهم أحد أنبيائهم بقوله وهو يتحدث عن مدينة:

"وإن لم تسالمك بل حاربتك فحاصرتها وأسلمها الرب إليك، إلى يدك، فاضرب كل ذكر بحد السيف. وأما النساء والأطفال وذوات الأربع، وجميع ما في المدينة من غنيمة، فاغتنمها لنفسك وكل غنيمة أعدائك التي أعطاكها الرب إلهك. هكذا تصنع بجميع المدن البعيدة منك جداً التي ليست من مدن أولائك الأمم هنا. وأما مدن أولائك الأمم التي يعطيها لك الرب إلاهك ميراثاً فلا تستبق منها نسمة..." [سفر تثنية الإشتراع _ الفصل العشرون]

هذه نظرة الصهيونية إلى الآخرين: لا تستبق منهم أحداً. ومن هذا المنطلق وصف وزير دفاعهم سكان غزة بالحيوانات.

وهذه أخلاق معظم الأوروبيين، فهم وحوش يغطون مخالبهم بقفازات من حرير. يدل على ذلك ما فعلوه بسكان أميركا الأصليين، وسكان أستراليا، وغيرهم. وآخر جرائمهم ما فعلوه بالعراق.

وكذلك ما فعلوه بأنفسهم في حروبهم القديمة والحديثة، وليست الحرب العالمية الثانية وويلاتها ببعيدة.

ومن هنا ندرك أنهم من طينة واحدة هم والصهاينة، ولهذا يؤيدونهم، ويكذبون معهم كما يكذبون.

والمقسطون منهم قلائل، يواجههم مجتمعهم ويحاربهم، وهم يستحقون كل تقدير.

ويقابل معتقدات الصهيونيين، ونظرتهم إلى الآخرين، وتصرفاتهم في الحرب، ويعاكسها، توجيهات سامية للمسلمين يحددها القرآن الكريم بوضوح.

ففي بداية عهد الإسلام جاء في الآية الكريمة إذن بالقتال: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ﴾ [الحج/39] ومن أواخر ما نزل بعد اكتمال الدين وسيادته: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة/190].

والمبدأ العام في التعامل مع الأعداء المنهزمين: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ [الإنسان/8-9] وأما من يستجير من الأعداء بالمسلمين، فالمبدأ: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾ [التوبة/6] والبشر كلهم مكرمون: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء/70].

هذا هو الفرق في المبادئ والأخلاق بين المسلمين وبين أعدائهم. أما ما تفعله تنظيمات متطرفة، كداعش وأخواتها، فلا ضرورة لإضاعة الوقت بالحديث عنها، فقد انكشف أمرها وعرف الناس من وراءها، ومن يستثمرها، من مخابرات ودول.

وأما ما قامت به حماس يوم 7/10/2023 ضمن أعمال الحرب المستمرة بين الفلسطينيين والمحتلين فهو عمل شرعي وقانوني. فما المنتظر من شعب أبيّ يرزح تحت أبشع أنواع الاحتلال والحصار والذل والهوان، منذ سنوات، وخيرة شبابه في السجون يعانون أقذر أنواع انتهاكات حقوق الإنسان. وبينهم كبار وصغار ونساء. وفوق ذلك كله تهود مقدساتهم وتنتهك حرماتهم، ويقتل أبناؤهم، وتهدم بيوتهم لأسباب واهية. أفليس الاستشهاد أفضل لهؤلاء من حياة الذل والهوان الذي يفرضه المحتل، ويتغاضى عنه الصديق، ويتجاهله العالم.

لقد رفعت حماس بعملها البطولي رأس الأمة، وأحيت القضية الفلسطينية، وأعادتها إلى واجهة الأحداث. ولم تعد النظرة إلى حماس فصيلاً إخوانياً، بل تحولت إلى طليعة يفخر بها الفلسطينيون، والعرب، والمسلمون في جميع أنحاء العالم، يؤيدون مواقفها ويتمنون لو كانوا كلهم حماس.

وهناك حقيقة يجب ألا تغيب عن الأذهان أنه لو تضافرت قوى الشر والعدوان في العالم كله، وتكالبت على فلسطين، أرض المسلمين والمسيحيين المقدسة، فسيبقى في العالم منصفون، ومجاهدون مسلمون يتذكرون دائماً رد عمر بن الخطاب على أبي سفيان عندما صاح بعد معركة أحد: يوم بيوم بدر، فأجابه عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار.

ولئن كانت جولة الباطل ساعة، فجولة الحق إلى قيام الساعة. ومهما طال الزمن فلا حل للقضية الفلسطينية إلا بعودة المحتلين إلى البلاد التي جاؤوا منها، وعودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولة فلسطين، دولة واحدة يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود من السكان الأصليين مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. والله غالب على أمره.

والحمد لله رب العالمين.

أحمد راتب عرموش

20-10-2023