الأكثر رواجاً
ابحث عن
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
مساحة إعلانية
نجاح الفاسدين
حرَّك نجاح نتياهو في نفسي مشاعر وتساؤلات كثيرة منها: "كيف ينجح الفاسدون؟" فالرجل معروف بفساده، ومطلوب إلى التحقيق بجرائم فساد عدة، ومع ذلك ينجح في الانتخابات ويتفوق على معارضيه الذين لا أبرؤهم من الفساد، ولكن للفساد درجات، يحتل نتنياهو أعلاها بحسب المعلن. وهو ليس حالة شاذة، ففي كثير من الحالات ينجح الفاسدون، ولدينا منها كثير، ولسنا بحاجة لضرب الأمثلة إذ هدفنا الاصلاح لا الإساءة والتشهير.
رجعت إلى الكتب التي يمكن أن أجد فيها أسباب نجاح الفاسدين، ومنها: مقدمة ابن خلدون، وطبائع الاستبداد للكواكبي، فوجدتهما يتحدثان عن الفساد وأسبابه وتلازمه مع الاستبداد، وأنهما صنوان لا يفترقان، وأسباب هذا التلازم، ولم يتطرقا إلى عوامل نجاح الفاسدين.
ولاريب أن لكل حالة نجاح فاسد أو فاسدين أسباباً خاصة بها، ومع ذلك فالمشترك بينها أنه لا ضوابط لتصرفات الفاسدين من دين أو أخلاق أو ضمير أو تقاليد اجتماعية... ومعظمهم يحسن الكذب والنفاق وتنميق الكلام. وضابط تصرفاتهم الوحيد هو المصلحة الشخصية.
ولذلك يسهل على فاسد ذكي مثل نتنياهو أن يشتري الفاسدين والجاهلين بالأموال أو الوعود بتوزيع المغانم أو غيرها..، وعند النجاح تحكم تصرفاتهم غض الطَّرف عني فأغض الطرف عنك. أو كما يقولون: "مرِّر لي فأمرر لك" والأمثلة كثيرة في حاضرنا وتاريخنا كما هي عند بعض الآخرين، ولا يجهلها عاقل.
أما الصالحون وأصحاب المبادئ ففي أغلب الحالات مشتتون يصعب توافقهم، لطبيعة اختلاف البشر، واختلاف نظرهم إلى الأمور. وبما ان ما يحكم تصرفاتهم هو الدين والأخلاق والضمير والتقاليد... يتشبث كل منهم بموقفه، ولا يتنازل عنه، وإن اجتمعوا على أمر لا يلبثوا أن يفترقوا. ولكي ينجح أصحاب المبادئ لابد من اتباع قاعدة "نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه" فلاريب بوجود نقاط تلاق كثيرة في وجهات نظر هؤلاء إلى أي أمر، كما توجد مقابلها مواطن اختلاف كثيرة أيضاً، ولتحقيق النجاح عليهم التعاون في المتفق عليه، وترك المختلف فيه.
وربما إن طبقت هذه القاعدة يصل إلى رئاسة جمهورية لبنان من يستحق المنصب من المؤهلين الذين يقدمون المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، فلبنان يستحق كل خير ويكفيه ما عاناه في معظم تاريخه.
أحمد راتب عرموش
15/11/2022