الأكثر رواجاً

التاريخ الاسلامي الوجيز

يؤرخ لدول المسلمين من بداية ظهور الإسلام وحتى الانقلاب…

القواعد الفقهية في كنز الراغبين للمحلي

الإلمام بالقواعد الفقهيَّة ضروري لكل طالب علم ولكل…

إعراب القرآن الكريم كبير

أعربت كلمات وجمل كل صفحة من المصحف في الصفحة ذاتها،…

ابحث عن

مؤسس الدار : أحمد راتب عرموش
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
 

مساحة إعلانية

 
تمت اضافة خاطرة جديدة ضمن اخترنا لك بعنوان:عرب ويهود............................. تم رفع كتاب النشاط السري اليهودي للأستاذ غازي فريج ضمن الكتب المجانية
 
 

إلى أين

إلى أين؟

بداية، وتوفيراً على الذين سيقرؤون هذه الكلمة ويتهمونني بالرجعية، والعيش في زمن مضى، وطلب المستحيل... أعترف باتهاماتهم، وأترحم على أمير البيان شكيب أرسلان الذي ألَّف كتاباً ليجيب على سؤال: "لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟" فمن حسن حظه أنه لم يعش ليرى واقع الأمة بعده، وكيف تابعت التخلف.

ودافعي إلى ما أكتب هو اللغط حول معارض الكتب، وتخلفها عما كانت عليه سابقاً في المضمون وليس في الشكل، وتحولها إلى مشروع تجاري. فقد كانت منبراً للثقافة قبل أن تكون سوقاً لتجارة الكتب. وكانت تظفر بعناية المسؤولين واهتمامهم، فيولون أمر تنظيمها والإشراف عليها مثقفين يحترمون أنفسهم، ويحترمون الثقافة، ويحسنون تقدير الرجال والمؤسسات. كما كان معظم أصحاب دور النشر ومديريرها من الفئة ذاتها. ولا أعرف كيف بدأ التحويل حتى أصبح معظم الناشرين تجاراً لا يحملون رسالة وغدا بعض المشرفين على المعارض لا يميزون بين الثقافة والسكافة في اللفظ والمضمون، أو السخافة. ولم يعد يهم هؤلاء منشورات الدار بمقدار ما يهمهم هداياها. وأصبح تقدير الكتاب يخضع لحجمه وشكله لا لمضمونه. ولم يعد من المهم خدمة القارىء باستدراج المنشورات المفيدة له، وتوجه الاهتمام إلى زخرفة المعرض وشكل أجنحته، وترتيبات افتتاحه لإيهام المسؤول وإقناعه بتأدية الغرض من المعرض على أكمل وجه. وهذا إن كان هو من المهتمين بالكتاب وبالمعرض أكثر من اهتمامه بالدعاية.

وبما أن الناشرين يعانون من تراجع أعمالهم وضعف السيولة لديهم نتيجة الظروف المعروفة، والتي يتحدث عنها كثيرون، لم يعودوا يكترثون كثيراً لما يفرض عليهم من شروط قاسية، واستهتار بهم وبمصالحهم. وأما اتحاداتهم فقليل من أعضائها من يهتم بمصالح من يمثلهم ولو على حساب مصلحته. ومعظمهم يوازي بين المصلحتين، وبعضهم يعمل لمصلحته الشخصية... وكلهم لا حول لهم ولا طول إلا الشكوى والرجاء، فإن حصلوا على تخفيف قيد، أو تخفيض كلفة، اعتبرت منَّة ومكرمة من المسؤول ، وفرح بها الناشرون، وانبرى المنافقون منهم يدبِّجون مقالات المدح والثناء والتكاذب، وكأنه لا حق للناشر في عيش كريم، وفي الحصول على ثمرة أتعابه، في حين تعمد الدول المتقدمة إلى مساعدته وتقديره.

وكثيراً ما نسمع تقريعاً للناشرين من بعض المسؤولين على مغالاتهم في الأسعار، وتعميم سوء تسعير بعضهم، أو استغلالهم، على الآخرين. علماً بأن أغلى كتاب في العالم العربي عموماً لا يساوي ثمنه ثمن كيلوغرام من الحلوى. تأكله الأسرة مساء، ومرده في بيت الخلاء صباحاً. بينما تستفيد الأسرة كلها من الكتاب، وتوَّرثه، وقد يبيعه حفيد بأكثر مما اشتراه جده. ولتخفيض سعر الكتاب لا بد من تخفيض كلفته، وقد تحدثنا عن ذلك في كلمة سابقة.

وأذكر أن مسؤولاً في أحد المعارض تحدث في لقاء جمع الناشرين عن غلاء الكتاب، وعندما انتهى من كلامه، صعد إلى المنصة صحافي ظريف فقال: "لا طيب بعد عرس، ولكن لي تعليق بسيط: يذهب الواحد منا إلى المزين ليزين شعره فيدفع عشرين دولاراً، ويبخل بعشرة دولارات لتزيين عقله" فنال من التصفيق ما أخجل المتحدث قبله، وقلت دولاراً للتعمية على البلد والحادثة.

وختاماً أؤكد لمن يقرأ كلمتي أنني لا أهدف الإساءة إلى أحد وكل ما أهدف إليه هو إلقاء حجر في بركة راكدة، واحداث صدمة لمن يعنيهم الأمر على اختلافهم لكي يعيدوا النظر في مواقفهم ويتقوا الله في تصرفاتهم، وحتى لا يقول قائل:

ما كانت الحسناء ترفع سترها /  لو أن في هذه الجموع رجالاً

 

أحمد راتب عرموش

دار النفائس- لبنان