الأكثر رواجاً

التاريخ الاسلامي الوجيز

يؤرخ لدول المسلمين من بداية ظهور الإسلام وحتى الانقلاب…

القواعد الفقهية في كنز الراغبين للمحلي

الإلمام بالقواعد الفقهيَّة ضروري لكل طالب علم ولكل…

إعراب القرآن الكريم كبير

أعربت كلمات وجمل كل صفحة من المصحف في الصفحة ذاتها،…

ابحث عن

مؤسس الدار : أحمد راتب عرموش
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
 

مساحة إعلانية

 
تمت اضافة خاطرة جديدة ضمن اخترنا لك بعنوان:الخيار الخاطىء........................... تم رفع كتاب النشاط السري اليهودي للأستاذ غازي فريج ضمن الكتب المجانية
 
 

الخيار الخاطئ

 

ماذا تستطيع أن تفعل مع إنسان قرر أن يقتل نفسه؟ ربما كانت هذه الجملة من أصدق ما قاله الرئيس الأميركي ريغان، فأقصى عقوبة يمكن إنزالها بمجرم هي الحكم عليه بالإعدام، فإن كان هو يسعى للتخلص من حياته، وقتل نفسه، فبماذا تخيفه، وأي شيء يخشاه؟ يذكرني بما أوردته عمليات داعش الأخيرة، فأكثر ما يؤلمني قتل إنسان بريء من دون سبب، ولا أظن أن مسلماً يعرف تعاليم دينه يمكن أن يقدم على قتل بريء، أو يوافق على قتله، وهو في قواه العقلية. ما يطرح تساؤلاً كبيراً وشبهة تحتاج إلى تعمق في دراستها ضمن عمل متكامل يؤدى إلى القضاء على ما تشهده الساحة العربية من جرائم باسم الدين. فالحلول المتبعة، وهي الحلول الأمنية، أثبتت فشلها وزادت في عمليات القتل والاعتداءات، لأن لكل فعل رد فعل، والدم يجر الدم، كما يقولون.

إن الذين يسعون إلى التخلص من حياتهم ليسوا سواء، فإذا استثنينا المرضى، هناك أشخاص ضاقت بهم سبل العيش، ووصلوا إلى مرحلة اليأس، ففضلوا الموت على الحياة. وهناك أناس يعتنقون عقيدة دينية متطرفة تحلل قتل مخالفيهم في العقيدة (الكفار)، وإن بالتضحية بأنفسهم، لأنهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعاً، فما يفعلونه هو طريقهم إلى جنات الخلود.

ويوجد فريق يجمع بين ظروف ومواصفات الفئتين المذكورتين، وهم أخطر جماعة، فالواحد منهم يكره حياته، ويرى الفرج في الحلم بحياة أخرى هنيئة.. وهؤلاء يسهل اصطيادهم من قبل رجال دين متطرفين حاقدين يلوون أعناق النصوص لتوافق أهواءهم، أو يقتطعون آيات من سياقها ويفسرونها بحسب رغباتهم، ويعملون على غسل عقول أتباعهم. وربما ساعدتهم في ذلك أجهزة أمنية معادية، وربما دعمتهم ببعض الأدوية والمخدرات لتطويع الأتباع وتسهيل قيامهم بما يكلفون به من أعمال قذرة لا ينفذها عقلاء. وترى هذه الأجهزة في هؤلاء المتطرفين صيداً ثميناً تستخدمه لتشويه صورة الاسلام الصحيح الذي ترى فيه عدواً، ونظاماً يقضي على أنظمة الاستغلال والاستبداد والاستعباد على حد سواء.

ولا تسمح كلمة كهذه بالتوسع في الموضوع، فهو يحتاج إلى مجلدات، وهدفنا من التعرض له بايجاز تنبيه من يعنيهم الأمر من علماء المسلمين وقادتهم إلى واجباتهم في توضيح خطيئة التطرف والغلو والتكفير، وتبيان أن الاسلام لا يعطي الحق لمن يشاء أن يعلن الجهاد ولا يحل قتل الكافر غير المحارب، فما بالك بالمسلم. والله عز وجل يقول:﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً﴾ [المائدة/32] وغيرها.

كما ورد في الحديث الشريف (لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من قتل امرئ بغير حق) وفي بعض الروايات امرئ مسلم.

وما أجمل ما جاء في الأثر: "إن الانسان بنيان الله تعالى، ملعون من هدمه". ويمكن لمن يرغب في التوسع بهذا الموضوع الرجوع إلى كتب نشرتها دار النفائس-لبنان أحدها بعنوان : "التطرف والمتطرفون" للدكتور أسعد السحمراني، و"لا للإرهاب نعم للجهاد" له أيضاً، و"الارهاب والعنف السياسي" للدكتور محمد السماك. فسيجد فيهم أيضاً خبث أعداء الاسلام، ودوافعهم للتجني عليه.

والخلاصة: إن القضاء على آفة التطرف واللجوء إلى الإرهاب، لا يتمُّ بالإرهاب، ولا بالحلول الأمنية. إنما يتم بتأمين سبل حياة كريمة للشباب الضائعين، وبيئة صالحة لهم، خالية من الجهل والفقر والبطالة والمرض، ورفع الظلم عنهم بشتى أشكاله. والعمل الدؤوب على تبيان حقيقة الإسلام ودعوته السلمية، ومقاصده الشرعية.

   أحمد راتب عرموش