الأكثر رواجاً

التاريخ الاسلامي الوجيز

يؤرخ لدول المسلمين من بداية ظهور الإسلام وحتى الانقلاب…

القواعد الفقهية في كنز الراغبين للمحلي

الإلمام بالقواعد الفقهيَّة ضروري لكل طالب علم ولكل…

إعراب القرآن الكريم كبير

أعربت كلمات وجمل كل صفحة من المصحف في الصفحة ذاتها،…

ابحث عن

مؤسس الدار : أحمد راتب عرموش
تأسست سنـــة 1390هـ - 1970م
 

مساحة إعلانية

 
تمت اضافة خاطرة جديدة ضمن اخترنا لك بعنوان:الخيار الخاطىء........................... تم رفع كتاب النشاط السري اليهودي للأستاذ غازي فريج ضمن الكتب المجانية
 
 

اللياقة والنفاق

اللياقة والنفاق

يعيش الإنسان في جماعة منذ ولادته إلى وفاته، وهذا يفرض عليه التعامل مع غيره في الأسرة والمدرسة والعمل وغيره... ولكل فرد طريقة في التعامل يصفه الناس بها. وسنتحدث في هذه الكلمة عن اللياقة والفرق بينها وبين النفاق الذي يكثر في المجتمعات العربية على الرغم من تحريمه ونزول سورة باسم "سورة المنافقون" في القرآن الكريم.

فاللياقة لغة سلوك الإنسان في حياته مع غيره سلوكاً يتسم بالأدب والتهذيب. والسلوك يشمل طريقة مخاطبة الآخرين كما يشمل التصرفات.

فمن اللياقة الكلام الطيب مع كل إنسان، ومخاطبته بأحب الأسماء إليه. واختيار الكلمات المناسبة بحسب المخاطب ومركزه وثقافته، والبعد عن الفحش في القول، وإن كنت تحب شخصاً حباً حقيقياً، فمن المندوب له إعلامه بذلك، فإن ذلك يسرُّه. وقد ورد في الحديث الشريف (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه).

ومن اللياقة ألا يقيم إنسان حفلة بجوار دار عزاء، أو يرفع صوت المذياع والتلفزيون فيزعج الجيران، أو يصدر ضوضاء وقت راحتهم. ويدخل في اللياقة اللباس المناسب لكل حالة.

ومن قلة اللياقة أن يتهامس اثنان بوجود ثالث أو أكثر، فقد جاء في الحديث الشريف: (إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه) وكذلك الانشغال بالهاتف الخلوي أثناء الجلوس مع أخرين.

ومع ذلك فللياقة حدود يحولها تعديها إلى نفاق. فالنفاق في الأصل هو إظهار الإنسان خلاف ما يبطن، ولذلك سمى القرآن الكريم المشركين الذين أظهروا الايمان وأضمروا الكفر بالمنافقين. وقال فيهم ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ ]سورة المنافقون/4[.

 

ولا يقتصر النفاق على هؤلاء الذين يظهرون الايمان ويبطنون الكفر، فقد جاء في الحديث الشريف: (أربع من كنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خَلَّة منهن كانت فيه خَلَّة من نفاق حتى يدعها: إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر) وفي رواية وإذا اؤتمن خان.

ومجاملة أي إنسان بوصفه بصفات حسنة عكس ما فيه من سيئات ينطبق عليها الكذب والنفاق، كوصف اللص والمزور بالأمانة والشرف لمحبة أو مركز أو فائدة. وأملاً بالاستفادة يكثر المنافقون في بلاط الحكام والوجهاء فطبيعة الإنسان تهوى الثناء. وفي كتب التراث مثل طريف على المغالاة في الكذب والنفاق. فقد دخل غياث بن ابراهيم على الخليفة العباسي المهدى، وكان مغرماً بالحمام. ولما رأى بين يديه حمام قال له حديثاً شريفاً (لا سبق إلا في نصل، أو خفٍّ، أو حافر) وزاد على الحديث ((أو جناح)) فالحديث يورد مواطن المراهنة ويقصرها على الرمي بالسهام، والسباق. فجعل غياث "الحميماتي" كالفارس إرضاء للخليفة فسرَّ الخليفة وأمر له بعشرة آلاف، وحتى لا يظن الحاضرون بجهل الخليفة وهو العالم والحافظ ، ويعرف ما زاد غياث في الحديث، قال عنه أثناء انصرافه: أشهد على قفاك أنه قفا كذاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يكذب غياث ولم ينافق إلا طمعاً بالمال. وفي سبيل المال والجاه يكثر المنافقون في هذه الأيام، وأكثرهم يعلم مقولة المفكر المعاصر إذا لم تستطع تغيير الباطل "فلا تصفق له" ويعلمون أن الكذب والنفاق إذا تفشى في أمة خرَّب الأخلاق فيها ودمرها، ومع ذلك لا يفكرون إلا بمنفعتهم الشخصية غير آبهين بتداعيات سلوكهم على أمتهم ومجتمعهم. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.

 

أحمد راتب عرموش

26-08-2022