سألني أحدهم هل انت سني أم شيعي؟

قلت له: لا أفهم هذه المصطلحات. لكن إن كنت تسألني عن ديني فأنا مسلم.

قال: بل أسألك عن مذهبك؟ سني أم شيعي؟

قلت: دعني أبحث في القرآن الكريم هل سماني سني أم شيعي ...

فتحت سورة الحج وقرأت ﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ﴾ [الحج، الآية :78] تأملت الآية مرة ثانية (هو سماكم ماذا؟ سماكم سنة؟ سماكم شيعة؟ وفتحت سورة ال عمران ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران، الآية :102] تأملت الآية مرة ثانية (ولا تموتن الا وأنتم ماذا؟ وأنتم سنة؟؟ وأنتم شيعة؟؟ وفتحت سورة فصلت ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت، الآية :33] تأملت الآية مرة ثانية..

(ومن أحسن قولاً ممن دعا الى ماذا؟) الى المذهب السني؟ الى المذهب الشيعي؟ ثم تأملت الآية مرة ثالثة (وقال إنني من ماذا؟ من السنة؟ من الشيعة؟ قلت له: يا أخي انا كما جاء في القران الكريم "انني من المسلمين "

قال: لكن لابد ان تتبع الفرقة الناجية ....

قلت له دعني أتأكد من المصحف ... فتحت سورة ال عمران وقرأت: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران، الآية :68] تأملت الآية مرة ثانية (والله ولي من؟؟؟؟ ولي السنة؟؟ ولي الشيعة؟؟ ثم فتحت المصحف على الآية ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران، الآية :103] تأملت الآية مرة ثانية (واعتصموا بحبل من؟؟ بحبل السنة؟؟ بحبل الشيعة؟؟ تأملت الآية مرة ثالثة هل قال (ولا تفرقوا .... أم قال يجب أن تفرقوا ؟؟؟).إذاً الإسلام نسخة واحدة، ليس له إصدارات متعددة قال تعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة، الآية :3] تأملت الآية مرة ثانية.. الله يقول (اليوم أكملت .... وأتممت ...ورضيت ....) فمن أنت حتى تزعم أن هناك إسلام سني وإسلام شيعي وإسلام سياسي...؟؟ هل الإسلام ناقص أحد أركانه وأنت جئت لتكمل الناقص؟؟ هل أصدقك أنت أم أصدق الله تعالى الذي يقول "اليوم أكملت لكم دينكم؟" مسألة تقسيم المسلمين الى سنة وشيعة خطيرة جداً وفيها نزاع وصراع وفرقة وخراب ودماء ...

قال: أـنت تعلم إن هذا التقسيم هو السائد وهناك صراع كبير بينهم....

قلت: قبل أن يبعث سيدنا محمد كان هناك تقسيمات وفئات وجماعات متعددة... لكن جاء الإسلام ليلغيها ويجمع الكل على كلمة واحدة هي (الإسلام) كان هناك المناطقية ... هذا من مكة وهذا من المدينة.... فألغاها وجعلهم أخوه .... كان هناك القبلية.. هذا من الأوس وهذا من الخزرج ... فألغاها وجعلهم أخوه.. وكان هناك العبد الحبشي الأسود البشرة (سيدنا بلال) وبجانبه ابن الأكابر (من قريش) فألغى التمييز العنصري وجعلهم أخوه ... فلا يحق لنا أن نحارب الناس لأن إيمانهم ليس مثل إيماننا .... قال تعالى ﴿لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ... إِلَّا مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ... فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ﴾ [الغاشية، الآية :22-24] تأملت الآية مرة ثانية (فيعذبه من؟؟) من الذي معه تصريح من الله بتعذيب من تولى وكفر؟؟؟ السنة معهم تصريح؟؟ الشيعة معهم تصريح؟؟

قال: إذاً هذا الصراع وهمي!؟

قلت: ليس وهمياً بل هو حقيقي!! وأسبابه سياسية تحولت إلى دينية؟؟ الخلل فينا نحن عندما نعطي أنفسنا مسوِّغاً لظلم أنفسنا وقتل من يخالفنا .... أما ربنا فهو بريء من الظلم ..... الله يقول للنبي محمد ... سيد البشر ... رسول الله ... "لست عليهم بمصيطر " فمن أنا حتى أقول:

"أنا سني أو شيعي وسأقتل من يخالفني؟؟" ومن أنت حتى تفرض عليَّ بالقوة مبدأ (سني أو شيعي)

قال: لكن الله يقول ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات، الآية :9]

قلت: الله يقول "طائفتان من المؤمنين " ولم يقل: (إذا السنة اقتتلوا مع الشيعة /أو الشيعة اقتتلوا مع السنة) يعني إن طائفتان من السنة / أو طائفتان من الشيعة اقتتلوا فيما بينهم فيجب علينا جميعاً (سنة وشيعة) ان نسعى إلى الصلح بينهما، فمن بغى يجب علينا جميعاً (سنة وشيعة) ان نقاتله حتى يفيء إلى أمر الله ..... الدين الحق يأمرنا بقتال الناس لردع الظلم والعدوان والبغي .... قال تعالى ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾ [البقرة، الآية :190] تأملّت الآية مرة ثانية (وقاتلوا في سبيل من ؟؟) لقد تركنا (سبيل الله) واتجهنا للقتال (في سبيل المذهب والتعصب الأعمى والسلطة وهوى النفس) إن التعصب المذهبي الأعمى هو أكبر خدمة نقدمها نحن لأعداء الإسلام..... لقد وفَّرنا على أعدائنا الجهد والمال فأصبحنا نتقاتل بأموالنا، وندمر أوطاننا، ونقتل أبنائنا بأيدينا.... وأعداؤنا يغذون فينا هذه العصبية الجاهلية ثم يتدخلون بيننا بحجة أن يصلحوا بيننا!!!!!!! والله ثم والله ثم والله إن أعداءنا هم من يبثّون بيننا هذه السموم ونحن صدقنا وتركنا عقولنا في مهب الريح ..... إنّ العودة لنبش الصراعات القديمة لتوظيفها الطائفي في صراعات اليوم إنما هو دليل على أن صاحب هذا الخطاب يبحث عن مسوِّغات يغلف بها الهوى الذي يقود الى هذا الصراع .....

قال: لكن هناك من (كبار) علماء السنة من يلعنون الشيعة.. وهناك من (كبار)علماء الشيعة من يلعنون السنة...

قلت: أين هم من قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات، الآية :10]؟؟ أين هم من حديث رسول الله:

(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)؟؟ أين هم من قوله تعالى: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق، الآية :18]؟ ختاماً أقول: أنا كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران، الآية :102] ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت، الآية :33] وهكذا سأظل حتى أموت.. أنا مسلم وكفى.

  أحمد راتب عرموش