ذكريات أحمد الخطيب في هذا الكتاب تثير في النفس مشاعر متناقضة، فيسرح الفكر في الخيال، وينتقل مع الكاتب إلى تلك الأيام التي يتحدث عنها بحلوها ومرِّها.
ففي أيام البؤس والفقر والشقاء، أواخر أيام الحكم العثماني، كان العربي يتنقَّل من المحيط إلى الخليج، فلا يُسأل عن إثبات هويته، وكان العربي ابن شبعا التي لا يُسمع بها الآن إلا من خلال مزارعها المحتلة، يحمل هموم العرب، فيذهب بعض وجهائها في وفد إلى الجزيرة العربية سعياً لمصالحة الأمير عبد العزيز بن سعود، وابن الرشيد، والشريف حسين لتجسيد موقف عربي موحد.
ومع تطبيق معاهدة "سايكس بيكو" يقسم ابن جباثا.. الخشب الشهيد "أحمد مريود" على تحرير بلاد الشام، فيتقاسم الفلاح والبدوي والدمشقي وغيرهم الرغيف، ويحملون السلاح، ويقاتلون الأجنبي المحتل، فيسقط الشهيد تلو الشهيد حتى تنال البلاد استقلالها، ولكنه استقلال مرٌّ، يشوبه التقسيم الذي فرضه المستعمر ورسَّخته الأيام، حتى غدت الوحدة الضائعة حلماً يراود الأحرار .
في هذا الكتاب ذكريات رجل عاش الأحداث في أحلك الأيام وأصعبها على بلاد الشام، أيام الثورة العربية في نهاية الحرب العالمية الأولى، وتآمر الحلفاء على العرب، وتقسيم بلاد الشام، اقتبسها ابن كاتب الذكريات "منيف الخطيب" من أوراق والده، فهي تأريخ حيٌّ لما لا يكتبه التاريخ، وصفحات مطوية كتبها وطنيون أحرار بالدم والدموع، ننشرها لتكون عبرة للأجيال القادمة ومدرسة لصناعة الرجال.